الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.إمارة العلوية بطبرستان بعد الأطروش. ولما قتل الحسن الأطروش سنة أربع وثلثمائة كما قدمناه ولى مكانه بطبرستان صهره وهو الحسن بن القاسم وقد مر ذكره ويسمى بالداعي الصغير وتلقب بالناصر وبعض الناس يقولون هو الحسن بن محمد أخي الأطروش هكذا قال ابن حزم وغيره وليس بصحيح وإنما هو صهره الحسن بن القاسم من عقب الحسين بن زيد والي المدينة ثم من عقب حافده محمد البطحاني بن القاسم بن الحسن وكان أبو الحسن بن الأطروش باستراباذ فبايع له ماكان بن كالي وقام بأمره فلما قتل ليلى بن النعمان صاحب جرجان وعاد فراتكين إليها ثم انصرف عنها وجاءه أبو الحسن بن الأطروش باستراباذ فبايع له فملكها فبعث السعيد بن سامان صاجا خراسان قائده سيجور الدواني في أربعة آلاف فارس لحصاره بجرجان فحاصره شهرا ومع الحسن صاحب جيشه سرخاب بن وهشوداب وهو ابن عم ماكان بن كالي فلما اشتد بهم الحصار خرج أبو الحسن وسرخاب في ثمانية آلاف من الديلم والجند فانهزم سيجور أولا فأتبعوه وقد أكمن لهم الكمائن فخرجت عليهم وقتل من الديلم والجند نحو أربعة آلاف وخلص أبو الحسن في البحر إلى استراباذ ولحقه سرخاب فخلفه وأقام سيجور بجرجان ثم هلك سرخاب وسار أبو الحسن إلى سارية واستخلف ماكان بن كالي على استراباذ فاجتمع إليه الديلم وولوه على أنفسهم وزحف إليه عساكر السعيد بن سامان فحاصروه مدة ثم خرج عن استراباذ إلى سارية فملكوها وولوا عليها يقراخان وعادوا إلى جرجان ثم إلى نيسابور ثم سار ماكان بن كالي إلى استراباذ وملكها من يد يقراخان ثم ملك جرجان وأقام بها وذلك سنة عشر وثلثمائة ثم استولى اسفار بن شيرويه على جرجان واستقل بها وكان سبب ذلك أنه كان من أصحاب ماكان بن كالي ونكره لبعض أحواله فطرده من عسكره وسار إلى أبي بكر بن محمد بن اليسع من السامانية بنيسابور فخدمه وبعثه في عسكر إلى جرجان ليفتحها له وقد كان ماكان سار إلى طبرستان وولى على جرجان مكانه أخاه أبا الحسن عليا وكان أبو الحسن بن الأطروش معتقلا عنده وهم ليلة بقتله وقصده في محبسه فظفر به أبو علي وقتله وخرج من الدار واختفى وبعث من الغد الى القواد فبايعوا له وولوا على جيشه علي بن خرشيد ورضوا به واستقدموا اسفار بن شيرويه فأستأذن بكر بن محمد وقدم عليهم وسارإليهم ماكان بن كالي فحاربوه وغلبوه على طبرستان وأنزلوا بها أبا علي بن الأطروش فأقام بها أياما ومات على أثره علي بن خرشيد صاحب جيشه وجاء ماكان بن كالي لحرب اسفار بطبرستان فانهزم اسفار ولحق ببكر بن محمد بجرجان وأقام إلى أن توفي سنة خمس عشرة وثلثمائة فولاه السعيد على جرجان وأرسل إلى مردوايح بن دينار الجبلي وجعله أمير جيشه وزحفوا إلى طبرستان فملكوها وكان الحسن بن القاسم الداعي قد استولى على الري وقزوين وزنجار وأبهر وقم وقائده ماكان بن كالي الديلمي فسار إلى طبرستان وقاتله اسفار فانهزم ماكان والحسن بن القاسم الداعي وقتل بخذلان أصحابه إياه لأنه كان يشتد عليهم في تغيير المنكرات فتشاوروا في أن يستقدموا هذرسيدان من رؤساء الجبل وكان خال مرداويح ووشكين فيقدموه عليهم ويحبسوا الحسن الداعي وينصبوا أبا الحسن بن الأطروش ونما الخبر بذلك إلى الداعي وقدم هذرسيدان فلقيه الداعي مع القواد وأدخلهم إلى قصره بجرجان ليأكلوا من مائدته فدخلوا وقتلهم عن آخرهم فعظمت نفرتهم عنه فخذلوه في هذا الموطن وقتل واستولى اسفار على طبرستان والري وجرجان وقزوين وزنجار وأبهر وقم والكرج ودعا للسعيد بن سامان صاحب خراسان وأقام بسارية واستعمل على آمد هرون بن بهرام وقصد بذلك استخلاصه لنفسه لأنه كان يخطب لأبي جعفر من ولد الناصر الأطروش فولاه آمد وزوجه بإحدى نسائه الأعيان بها وحضر عرسه أبو جعفر وغيره من العلويين وهجم عليه اسفار يوم عرسه بآمد فقبض على أبي جعفر وغيره من أعيان العلويين وحملهم إلى بخارى فاعتقلوا بها إلى أن خلصوا من بعد ذلك ومن تاريخ بعض المتأخرين أن الحسن بن القاسم الداعي صهر الأطروش بويع بعد موته ولقب الناصر وملك جرجان وكان الديلم قد اشتملوا على جعفر بن الأطروش وتابعوه فصار الداعي إلى طبرستان وملكها ولحق جعفر بدنباوند فقبض عليه علي بن أحمد بن نصر وبعث به إلى علي بن وهشودان بن حسان ملك الديلم وهو عامله فحبسه علي بن وهشودان بن حسان ملك الديلم فلما قتل أطلقه من بعده حسرة فيروز فاستجاش جعفر بالديلم وعاد إلى طبرستان فملكها وهرب الحسن ثم مات جعفر فبويع أبو الحسن ابن أخيه الحسن فلما ظهر ماكان بن كالي بايع للحسن الداعي وأخرجه إليه وقبض على الحسن بن أحمد وهو ابن أخي جعفر وحبسه بجرجان عند أخيه أبي علي ليقتله فقتله الحسن ونجا وبايعه القواد بجرجان ثم حاربه ماكان فانهزم الحسن إلى آمد ومات بها وبويع أخوه أبو جعفر بن محمد بن أحمد وقصده ماكان من الري فهرب من آمد إلى سارية وبها اسفار بن شيرويه فقاتل دونه وانهزم اسفار إلى جرجان واستأمن إلى أبي بكر بن محمد بن الياس ثم بايع ماكان لأبي القاسم الداعي وخرج الحسن إلى الري وطلب مرداويح بثأر خاله سيداب بن بندار وكان الداعي يرجان سنة إحدى وعشرين وثلثماثة وانصرف ماكان إلى الديلم ثم ملك طبرستان وبايع بها لأبي علي الناصر بن إسماعيل بن جعفر بن الأطروش وهلك بعد مدة ومضى أبو جعفر محمد بن أبي الحسن أحمد بن الأطروش إلى الديلم إلى أن غلب مرداويح على الري فكتب إليه وأخرجه عن الديلم وأحسن إليه فلما غلب على طبرستان وأخرج ماكان عنها بايع لأبي جعفر هذا وسمي صاحب القلنسوة إلى أن مات وبويع أخوه ولقب الثائر وأقام مع الديلم وزحف سنة ست وثلاثين إلى جرجان وبها ركن الدولة بن بويه فسرح إليه ابن العميد فانهزم الثائر وتعلق بالجبال وأقام مع الديلم وملوك العجم يخطبون له إلى أن هلك سنة خمس وخمسين وثلثمائة لثلاثين سنة من ملكه وبايعوا لأخيه الحسين بن جعفر وتلقب بالناصر وتقبض عليه ليكو بن وشكس ملك الجبل وسلمه وانقرض ملك الفاطميين أجمع بتلك الجبال والبقاء لله وحده.
|